ماهي قصة سبأ التي ذكرها الله في القران  ؟

 

قال الله تعالى في كتابه الكريم:( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)

   تحكي هذه الآية وما بعدها قصة مدينة سبأ فأين كانت سبأ وما هي قصتها التي ذكرها الله في القران؟

   مملكة سبأ هي من الممالك العربيّة القديمة التي كانت تقع في منطقة اليمن من شبه الجزيرة العربية، ويختلف في تاريخ نشأتها الا ان الاعتقاد السائد انها قد وجدت في القرنين العاشر أو التاسع قبل ميلاد المسيح، وكانت مملكة سبأ واحدة من أقوى الممالك التي مرّت على تاريخ اليمن، وهي التي سطّرت تاريخ وحضارة اليمن، وكانت مؤلّفة من عدة قبائل، وتدل بعض المخطوطات الآشوريّة على أنّ بعض قبائل مملكة سبأ وصلت الى العراق وفلسطين، وكانت تشتهر في صناعة البهارات والتوابل والبخور، والعمل على تصديرها إلى خارج البلاد إضافة إلى الأعمال الزراعيّة، والتجارية، وذلك يظهر من خلال النقوش التي وُضعت على الصخور والمخطوطات التي تمّ اكتشافها والتي وُضع فيها العديد من قوانين الزراعة،

   ونظراً إلى ما كانت تعانيه مملكة سبأ في اليمن من الفيضانات والسيول التي تحدث عند سقوط الأمطار فقد تمّ بناء السدود لتخزين هذه المياه واستخدامها في الزراعة، ويعتبر سد مأرب من أشهر السدود التي بناها أهل مملكة سبأ حيث تم بنائه ما بين القرن العاشر والثامن قبل الميلاد، اضافة الى بناء السدود الصغيرة والتي يصل عددها إلى ما يزيد عن سبعين سدّاً صغيرا، وكانت مملكة سبأ غنية جداً، والفضل في ذلك يعود إلى موقعها الجغرافي، حيث كانت العاصمة قريبة جداً من نهر الدهنا الذي كانت نقطة التقائه مع جبل بلق مناسبة جداً لبناء سد، فاستغل السبئيون هذه الميزة وبنوا سدا في تلك المنطقة حيث نشأت حضارتهم،

   وبدأوا يمارسون الري والزراعة، وهكذا وصلوا إلى مستوى عال جداً من الازدهار وخاصة في زراعة العنب الذي كان يتمتّع بجودة عالية بالإضافة إلى زراعة القمح وجني العسل، وقد قام أهل مملكة سبأ ببناء درج على الجبال ليسهّل عليهم التنقّل بين السهل والجبال بشكل سريع بدون تعب.

    وكانت التجارة بين مملكة سبأ وبين الهند أكثر تجارة مزدهرة مثل تجارة التوابل والبن والبخور والمسك، وكان السبئيون مسيطرين على طريق التجارة الواقع في غرب الجزيرة العربيّة، حيث قاموا بوضع الحراسات في طريق القوافل لحمايتها، وقد اعتبر ميناء عدن من أهم الموانئ في العالم القديم،

    وكانت تعتبر مملكة سبأ من أغنى وأثرى الممالك القديمة، خاصّة عندما قام الملك كربئيل بالسيطرة على مصادر البخور واللبان والسيطرة على أثيوبيا، وكان نظام الحكم ملكي وراثي، بالإضافة الى التحدّث باللغة السبئيّة والتي تعتبر من اللغات السامية.

    ولما طغى قوم سبأ وانحرفوا عن الاستقامة وانشغلوا بالحروب والقتال في تلك المنطقة اضافة الى شركهم بالله تعالى فقد ابتلاهم الله في انهيار السد العظيم الذي تعرّض للتصدّعات والشقوق واغرق اهل مدينة سبأ الذي تذكره الآيات الكريمة في مقدمة البحث بقوله تعالى: [لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ]، حيث كان يزدهر على طرفي السد المزارع والبساتين والزروع المثمرة والتي وصفها بكونها بلدة طيبة لطيب هوائها وزرعها فليس فيها مرض ولا افة، فلما اعرضوا عن العدل وانشغلوا بالمال وزينة الدنيا ارسل الله عليهم سيل العرم، والعرم هو ما يمسك الماء من بناء وغيره إلى وقت حاجته وهو ما يعرف اليوم بالسد، أي ارسلنا اليهم سيل واديهم الممسوك بالسد فأغرق جنتيهم وأموالهم «وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أُكُلٍ خَمْطِ» اي طعم مرّ فالخَمْطُ : هو كُلّ شجرة لها شوك وثمرتُها مُرَّة لا يمكن أكْلُها لمرارتها، (وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ) والاثل هو بقايا المتاع المتهدم، والسدر وهو شجر النبق من النوع الرديء، وهو بيان لعقوبة الله على الظالمين في الدنيا قبل الاخرة فهس سنته في كل زمان ومكان.

   كما ان لسبأ قصة اخرى ورد ذكرها في الكتب المقدّسة التي جاءت بها الأديان التوحيديّة الصحيحة (قبل تحريف المسيحية واليهودية) وقد اشتهرت في هذه الديانات قصة نبي الله سليمان مع ملكة سبأ، والتي أوردها القرآن الكريم كذلك، والقصة باختصار توضح أنّ الله تعالى آتى سليمان بن داود (عليهما السلام) ملكاً عظيماً لم يؤته لأحدٍ من العالمين،

   وقد آتى الله تعالى سليمان القدرة على معرفة لغة الطيور، فتفقّد يوماً الطيور فلم يجد الهدهد، فاعتبر نبي الله سليمان هذا الأمر تقاعساً وتخلفاً من الهدهد، إلا أن يأتيه بعذر واضح يزيل العقوبة عنه ولمّا أتى الهدهد سئل عن سر تأخره وغيابه، فقال أنه كان في اليمن في مملكة سبأ، وأخبره أنه وجد ملكة على شعب في تلك المنطقة، وأخبره أنهم من عباد الشمس، وأنّ للملكة عرش عظيم. فأرسل سليمان مع الهدهد رسالة للملكة مفادها أنّه يريدهم أن لا يعلوا عليه وأن يؤمنوا بالله رب العالمين، فتشاورت الملكة مع قومها ثم ارسلت لسليمان رسلاً يحملون هدايا عظيمة، فرفض سليمان ع الهدايا وأعاد تهديده لهم، فعزمت ملكة سبأ بعدما علمت مبلغ قوّة سليمان على الذهاب إليه، فبنى لها صرحاً أرضيته زجاج، وجلب عرشها إلى هذا الصرح في قصة تظهر عظمة الله وقدرته، ثم نكّر لها العرش بوضع الجواهر واللآلئ فيه ووضعه لها في الصرح ، فعندما أرادت أن تقترب منه، ظنّت أن الأرض ماء فرفعت عن ساقيها، فقيل لها أنّ هذا ليس ماءً، فعلمت حجم الضلال الذي كانت هي وقومها فيه، فدخلت في دين الله.  

   ومما يذكر ان اليمن اليوم قبل الحرب الظالمة من ال سعود كانت مقسمة الى ستة اقاليم لها حكمها الذاتي ومنها اقليم مأرب الذي يضم (الجوف والبيضاء ومأرب) وهو يحتوي على ثروة نفطية متمثلة بالنفط والغاز الطبيعي الذي يعتبر من أجود أنواع الغاز في العالم. حيث يحتوي على ١٦ ترليون قدم مكعب من الغاز.

🌿مع اطيب التحيات من🌿
      نبيل شعبان

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com