فضل شهر رمضان
 

   جعل الله شهر رمضان المبارك من أعظم الوسائل قربة إليه، وأحسنها سبباً للوصول إلى مغفرته ورحمته فهو شهر عظيم عند الله وعند أوليائـه، يعرف قـدره المؤمنون والمخلصون لله، ويحرصون على أن لَا تضيع برهة من الوقت في غير الطاعة والعبادة، فهو الشهر الذي يضاعف المولى تبارك وتعالى الثواب والفضل فيه بأضعاف كثيـرة لَا يحصيها إِلَّا هـو، ولهذا فجميع أيـام الشهر ولياليه بكل لحظة فيه تعدّ غنيمة ولها خصوصية في الفضل والثواب كما هو مبين في الأحاديث المستفيضة وفيما يلي بعض منها:


* عن الإمام الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي (ص) أنّه قـال في آخر جمعة من شعبان:

«أَيُّها النَّاسُ إِنَّهُ قَد أَقبَلَ إِلَيكُمْ شَهرُ اللهِ تَعَالَى بِالبَرَكَةِ وَالرَّحمَةِ وَالمَغفِرَةِ، شَهرٌ هُوَ عِندَ اللهِ أَفضَلُ الشُّهُورِ، وَأَيَّامَهُ أَفضَلُ الأَيَّامِ، وَلَيالِيهِ أَفضَلُ اللَّيالِي وَساعاتُهُ أَفضَلُ السَّاعاتِ، وَهُوَ شَهرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيافَةِ اللهِ، وَجُعِلتُمْ فِيهِ مِنْ أَهلِ كَرَامَةِ اللهِ، أَنفاسُكُمْ فِيهِ تَسبِيحٌ، وَنَومُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ، وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقبُولٌ، وَدُعاؤُكُمْ فِيهِ مُستَجابٌ، فَاسأَلُوا اللهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيامِهِ وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفرَانَ اللهِ فِي هَذا الشَّهرِ العَظِيمِ، وَاذكُرُوا بِجُوعِكُمْ وَعَطَشِكُمْ فِيهِ جُوعَ يَومَ القِيامَةِ وَعَطَشَهُ، وَتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ، وَوَقِّرُوا كِبَارَكُمْ، وَارحَمُوا صِغارَكُمْ، وَصِلُوا أَرحَامَكُمْ، وَاحفَظُوا أَلسِنَتَكُمْ، وَغُضُّوا عَمَّا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيهِ أَبصَارَكُمْ وَعَمَّا لَا يَحِلُّ الاِستِمَاعُ إِلَيهِ أَسمَاعَكُمْ، وَتَحَنَّنُوا عَلَى أَيتَامِ النَّاسِ يُتَحَنَّنْ عَلَى أَيتَامِكُمْ، وَتُوبُوا إِلَى اللهِ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَارفَعُوا إِلَيهِ أَيدِيَكُمْ بِالدُّعَاءِ فِي أَوقَاتِ صَلَواتِكُمْ فَإِنَّهَا أَفضَلُ السَّاعَاتِ، يَنظُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا بِالرَّحمَةِ إِلَى عِبَادِهِ، وَيُجِيبُهُمْ إِذَا نَاجَوهُ، وَيُلَبِّيهِمْ إِذَا نَادَوهُ، وَيُعطِيهِمْ إِذَا سَأَلوهُ، وَيَستَجِيبُ لَـهُمْ إِذَا دَعَوهُ، أَيُّها النَّاسُ إِنَّ أَنفُسَكُمْ مَرهُونَةٌ بِأَعمالِكُمْ فَفُكُّوهَا بِاستِغفَارِكُمْ، وَظُهُورَكُمْ ثَقِيلَةٌ مِنْ أَوزَارِكُمْ فَخَفِّفُوا عَنهَا بِطُولِ سُجُودِكُمْ، وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكرُهُ أَقسَمَ بِعِزَّتِهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ المُصَلِّينَ وَالسَّاجِدِينَ وَأَنْ لَا يُرَوِّعَهُمْ بِالنَّارِ يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَـمِينَ، أَيُّها النَّاسُ مَنْ فَطَّرَ مِنكُمْ صائِماً مُؤمِناً فِي هَذَا الشَّهرِ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِندَ اللهِ عِتقُ نَسَمَةٍ وَمَغفِرَةٌ لِـمَا مَضَـى مِنْ ذُنُوبِهِ.
فِقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ فَلَيسَ كُلُّنَا نَقدِرُ عَلَى ذَلِكَ.
فقالَ (ص) : «اِتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمرَةٍ، اِتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشَـربَةٍ مِنَ الـمَاءِ
(بمعنى ان الافطار للمؤمنين والمؤمنات لا يشترط فيه ان يضم من الطعام اطيبه واحسنه بما يكون فيه الكلفة والعناء على صاحب الدعوة او اهل بيته وانما الشرط فيه ان يكون خالصا لله وبما يستطيعه)،

أَيُّها النَّاسُ: مَنْ حَسَّنَ مِنكُمْ فِي هَذا الشَّهرِ خُلُقَهُ كَانَ لَهُ جَوَازٌ عَلَى الصِّـرَاطِ يَومَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقدَامُ، وَمَنْ خَفَّفَ فِيهِ مِنكُمْ عَمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ خَفَّفَ اللهُ عَلَيهِ حِسَابَهُ (اي ان حسن الاخلاق وصوم الجوارح او الالتزام بما فرضه الله على عباده هو من اساسيات الصوم)،

وَمَنْ كَفَّ فِيهِ شَرَّهُ كَفَّ اللهُ عَنهُ غَضَبَهُ يَومَ يَلقَاهُ، وَمَنْ أَكرَمَ فِيهِ يَتِيماً أَكرَمَهُ اللهُ يَومَ يَلقَاهُ، وَمَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللهُ بِرَحمَتِهِ يَومَ يَلقَاهُ، وَمَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِصَلَاةٍ كَتَبَ اللهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَدَّى فَرضاً كَانَ [ثَوابِهِ] كَثَوابِ مَنْ أَدَّى سَبعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ، وَمَنْ أَكثَرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ ثَقَّلَ اللهُ مِيزَانَهُ يَومَ تَخِفُّ المَوازِينَ، وَمَنْ تَلَا فِيهِ آيَةً مِنَ القُرآنِ كانَ لَهُ مِثلُ أَجرِ مَنْ خَتَمَ القُرآنَ فِي غَيرِهِ مِنَ الشُّهُورِ، أَيُّها النَّاسُ إِنَّ أَبوَابَ الجِنَانِ فِي هَذا الشَّهرِ مُفَتَّحَةٌ، فَاسأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُغلِقَهَا عَنكُمْ، وَأَبوَابَ النِّيرَانِ مُغلَقَةٌ، فَاسأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يَفتَحَها عَلَيكُمْ، وَالشَّيَاطِينَ مَغلُولَةٌ، فَاسأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُسَلِّطَها عَلَيكُمْ» (وهو ما يعني التوجه الخالص لله في دعائه والانابة اليه).

* عن النبي (ص) أنّه قال: «مَنْ صَـامَ شَهرَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحتِساباً غَفَرَ اللهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنبِهِ» (اي ان شهر رمضان فرصة لمغفرة الذنوب ولنيل توفيق الله وفضله).

* عن أبي جعفر الباقر ع قال: «قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص) لِـجَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ:
يَا جَابِرُ هَذا شَهرُ رَمَضَانَ مَنْ صَامَ نَهَارَهُ، وَقَامَ وِرداً مِنْ لَيلِهِ، وَعَفَّ بَطنَهُ عَنِ الحَرَامِ وَفَرجَهُ، وَكَفَّ لِسَانَهُ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَخُرُوجِهِ مِنَ الشَّهرِ.
فَقَالَ جَابِرُ: يا رَسُولَ اللهِ مَا أَحسَنَ هَذا الحَدِيثَ؟
فقَال رسولُ اللهِ (ص): وَمَا أَشَدَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ»
(اي ان الصوم الذي يعظم اجره هو ليس صوم المعدة فقط بل هو صوم الجوارح من العين والاذان واللسان واليد والرجل عما حرمه الله).

* عن رسول الله (ص) : قالَ عَن شهر رمضانَ:
«شَـهرٌ أَوَّلُـهُ رَحمَةٌ، وَأَوسَطُهُ مَغفِرَةٌ، وَآخِـرُهُ إِجَابَةٌ وَعِتقٌ مِنَ النَّارِ» (اي ان الاعمال فيه ينبغي ان تتصاعد في هذا الشهر ليستحق الصائم هذا الثواب العظيم).

*عن أبي عبدِ الله الصادق ع قـال: «مَنْ لَمْ يُغفَر لَـهُ فِي شَهرِ رَمَضانَ لَمْ يُغفَر لَهُ إِلَى قَابِلٍ إِلَّا أَنْ يَشهَدَ عَرَفَةً» (اي ان من خسر ثواب الله في هذا الشهر تكون خسارته كبيرة عند الله).

*عن رسول الله (ص) قال: «إِنَّ شَهرَ رَمَضانَ شَهرٌ عَظِيمٌ يُضَاعِفُ اللهُ فِيهِ الحَسَنَاتِ وَيَمحُو فِيـهِ السِّيِّئَاتِ وَيَرفَعُ فِيهِ الدَّرَجَاتِ (الحديث)».

* عن أبي عبد الله الصادق ع قال: «الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ وَإِنْ كَانَ نَائِماً عَلَى فِرَاشِهِ مَا لَمْ يَغتَبْ مُسلِماً» (وهو تأكيد على صوم الجوارح لينال الصائم ثواب الله في هذا الشهر المبارك).

* عن أبي جعفر الباقر ع قال: «إِنَّ للهِ مَلَائِكَةً مُوَكَّلِينَ بِالصَّائِمِينَ يَستَغفِرُونَ لَـهُمْ فِي كُلِّ يَومٍ مِنْ شَهرِ رَمَضانَ إِلَى آخِرِهِ، وَيُنادُونَ الصَّائِمِينَ فِي كُلِّ لَيلَةٍ عِندَ إِفطَارِهِمْ أَبشِـرُوا عِبادَ اللهِ (الحديث)»

والأحاديث كثيرة في فضل هذا الشهر المبارك ولذا فمن سعادة أهل الإيمان أن يوفقهم الله لتربية انفسهم في هذا الشهر الشـريف بالعلم والعمل والعبادة، وحضور مجالس الهدى والذكر، ومساعدة الفقراء والمعوزين، ورعاية الأيتام والأرامل، وإغاثة الملهوفين والمستضعفين، والمساهمة في مشاريع البر والخدمات الاجتماعية، وكل عمل إنساني يقرِّب إلى الله، فقد لا يكون في العمر فرصة أخرى لشهر رمضان آخر، وضياع الفرصة غصة سيما إذا أغلقت أبواب الدنيا وفتحت أبواب الآخرة حيث لا ينفع الندم والأسف ﴿يَومَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ﴾


مـن الأعمـال المعـظّمة في شهر رمضان

 

1- التقوى والورع عن محارم الله

* قال أمير المؤمنين ع: قلتُ يا رسولَ اللهِ (ص): مَا أَفضَلُ الأعمالِ فِي هَذا الشَّهرِ؟
فَقال(ص): «يا أَبا الحَسَنِ أَفضَلُ الأَعمَالِ فِي هَذا الشَّهرِ الوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ».

 

2- تلاوة القرآن وتدبره

* في الحديث عن رسول الله (ص) قال: «مَنْ تَلَا فِيهِ (أي في شَهرِ رَمَضانَ) آيَةً مِنَ القُرآنِ كانَ لَهُ مِثلُ أَجرِ مَنْ خَتَمَ القُرآنَ فِي غَيرِهِ مِنَ الشُّهُورِ».
والأحاديث في فضل تلاوة القرآن وتعلمه بشكل عام هي كثيرة ومهمة، وفيما يلي بعض منها ليكون الداعي واعياً لأهمية الموضوع سيما في شهر الرحمة والمغفرة.

* عن أميـر المؤمنين ع قـال: «اِعلَمُوا أَنَّ هَذا القُرآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ، وَالهَادِي الَّذِي لَا يَضِلُّ، وَالمُحَدِّثُ الَّذِي لَا يَكذِبُ، وَمَا جَالَسَ هَذا القُرآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنهُ بِزِيَادَةٍ أَو نُقصَانٍ، زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَو نُقصَانٍ مِنْ عَمًى».

* وفي حديث آخر عنه ع قال: «تَعَلَّمُوا كِتابَ اللهِ تَبارَكَ وَتَعالَى فَإِنَّهُ أَحسَنُ الحَدِيثِ، وَأَبلَغُ المَوعِظَةِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ القُلُوبِ، وَاستَشفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ لِـمَا فِي الصُّدُورِ، وَأَحسِنُوا تِلَاوَتَه فَإِنَّهُ أَحسَنُ القَصَصِ».

* وعنه ع أيضاً قال: «أَهلُ القُرآنِ أَهلُ اللهِ وَخاصَّتُهُ».

* عن الإمام الصادق ع قال: «الحافِظُ لِلقُرآنِ العامِلُ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ».

* وفي حديث آخر عنه ع قال: «يَنبَغِي لِلمُؤمِنِ أَنْ لَا يَمُوتَ حَتَّى يَتَـعَلَّمَ القُـرآنَ أَو يَكُونَ فِي تَعَلُّمِهِ».

 

3- كثرة ذكر الله ودعائه:

* عن أمير المؤمنين ع قال: «عَلَيكُمْ فِي شَهرِ رَمَضانَ بِكُثرَةِ الدُّعَاءِ وَالاِستِغفَارِ، فَأَمَّا الدُّعاءُ فَيُدفَعُ بِهِ عَنكُمْ البَلَاءُ، وَأَمَّا الاِستِغفَارُ فَتُمحَى بِهِ ذُنُوبُكُمْ».

* عن الإمام علي الرضا ع قال: «مَنْ صَلَّى مِنكُمْ فِي هَذَا الشَّهرِ ركعَتَينِ يَتَطَوَّعُ بِهِمَا غَفَرَ اللهُ لَهُ».

*عن الإمـام الصادق ع قال: «اِستَكثِرُوا فِيـهِ التَّهلِيلَ وَالتكبِيرَ وَالتَّحمِيدَ وَالتَّسبِيحَ وَهُوَ رَبِيعُ الفُقَرَاءِ».

* عن أميـر المؤمنين ع قـال: «لَـمَّا حَضَـَر شَهرُ رَمَضانَ قامَ رَسُولُ اللهِ (ص) فَحَمِدَ اللهَ وَأَثنَى عَلَيهِ ثُمَّ قَال: أَيُّها النَّاسُ كَفَاكُمُ اللهُ عَدُوَّكُمْ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ، وَقَال رَبُّكُمُ ﴿ادعُونِي أَستَجِبْ لَكُمْ﴾، وَوَعَدَكُمُ الاِجَابَةَ، ألَا وَقَد وَكَّلَ اللهُ بِكُلِّ شَيطَانٍ مَريدٍ سَبعَةٌ مِنْ مَلَائِكَتِهِ، فَلَيسَ بِمَحلُولٍ حَتَّى يَنقَضِي شَهرُكُمْ هَذا، ألَا وَأَبوابُ السَّمَاءِ مُفَتَّحَةٌ مِنْ أَوَّلِ لَيلَةٍ مِنهُ، أَلَا وَالدُّعاءُ فِيهِ مَقبُولٌ».

 

4- مجاهدة النفس وصوم الجوارح:

*عن الإمام الصادق ع قال: «إِنَّ الصَّومَ لَيسَ مِنَ الطَّعَامِ أَو الشَّـرَابِ وَحدَهُ، وَلَكِنْ إِذا صُمتَ فَلْيَصُمْ سَمعُكَ، وَبَصَـرُكَ، وَشَعرُكَ، وَجِلدُكَ، وَلِسَانُكَ، وَبَطنُكَ، وَفَرجُكَ، وَاحفَظْ يَدَيكَ» (اي ان الصائم ينبغي ان لا يغفل عن جوارحه في الصوم فيقضي بعضا من وقته في الحرام)

وعنه الصادق ع قال: «لَا يَكونُ يَومُ صَومِكَ كَيَومِ فِطرِكَ» (اذ ان طبيعة الصائم في توجهه الروحي والفكري واعماله ينبغي ان تختلف عن بقية الاوقات الاخرى).

وفي حديث آخر عنه ع قال: «إِذَا صُمتَ فَلْيَصُمْ سَمعُكَ وَبَصَـرُكَ عَنِ الحَرَامِ وَالقَبِيحِ، وَدَعْ المِرَاءَ (أي الجدل) وَأَذَى الخادِمِ، وَليَكُنْ عَلَيكَ وَقارُ الصَّائِمِ».

* عن الامام الصادق ع أنه قال:
سَـمِعَ النَّبِيُّ امـرَأَةً تَسُبُّ جارِيَتَهـا وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَدَعا رَسُولُ اللهِ (ص) بِطَعَامٍ وَقَـالَ لَـهَا كُلِي، فَقَالَت يا رسُولَ اللهِ: إِنِّي صَائِمَة! فَقال (ص): «كَيفَ تَكُونِينَ صائِمَةً وَقَد سَبَبتِ جارِيَتَكِ! إِنَّ الصَّومَ لَيسَ مِنَ الطَّعامِ وَالشَّرَابِ».

* عن النبي (ص) قال: «إِنَّ أَيسَرَ ما افتَرَضَ اللهُ عَلَى الصَّائِمِ فِي صِيامِهِ تَركُ الطَّعامِ وَالشَّرَابِ».

* عن الإمـام الباقر ع أنّه قـَال: «الغِيبَـةُ تُفَطِّرُ الصَّائِمَ وَعَلَيهِ القَضاءُ».

* عن رسول الله (ص) قال: «ما مِنْ عَبدٍ يُصبِحُ صائِماً فَيُشتَمُ فَيَقُولُ: (إِنِّي صائِمٌ سَلامٌ عَلَيكَ) إِلَّا قالَ الرَّبُّ تَبارَكَ وَتَعالَى لِـمَلَائِكَتِهِ: اِستَجَارَ عَبدِي بِالصَّومِ مِنْ عَبدِي، أَجِيرُوهُ مِنْ نارِي وَأَدخِلُوهُ جَنَّتِي».

* عن الإمـام الرضا ع قـال: «مَنْ حَسَّنَ فِيهِ (أي في شهر رمضان) خُلُقَهُ غَفَرَ اللهُ لَهُ، وَمَنْ كَظَمَ فِيهِ غَيظَهُ غَفَرَ اللهُ لَهُ».

 

5- عمل الصالحات كافة:

* عن رسول الله (ص) قال: «إِنَّ شَهرَ رَمَضانَ شَهرٌ عَظِيمٌ، يُضاعِفُ اللهُ فِيهِ الحَسَناتِ، وَيَمحُو فِيهِ السِّيِّئاتِ، وَيَرفَعُ فِيهِ الدَّرَجاتِ، مَنْ تَصَدَّقَ فِي هَذا الشَّهرِ بِصَدَقَةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ، وَمَنْ أَحسَنَ فِيهِ إِلَى مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ غَفَرَ اللهُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ (ص): وَمَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ غَفَرَ اللهُ لَهُ».

* وفي حديثه في خطبته في آخر شعبان قال: «وَتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ، وَوَقِّرُوا كِبَارَكُمْ، وَارحَمُوا صِغَارَكُمْ، وَصِلُوا أَرحَامَكُمْ، وَاحفَظُوا أَلسِنَتَكُمْ، وَغُضُّوا عَمَّا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيهِ أَبصَارَكُمْ وَعَمَّا لَا يَحِلُّ الاِستِمَاعُ إِلَيهِ أَسمَاعَكُمْ، وَتَحَنَّنُوا عَلَى أَيتَامِ النَّاسِ يُتَحَنَّنُ عَلَى أَيتَامِكُمْ، وَتُوبُوا إِلَى اللهِ مِنْ ذُنُوبِكُمْ».

*عن الإمام الرضا ع قال: «إِنَّ شَهرَكُمْ هَذا لَيسَ كالشُّهُورِ إِنَّهُ إِذَا أَقبَلَ إِلَيكُمْ (أَقبَلَ) بِالبَرَكَةِ وَالرَّحمَةِ، وَإِذَا أَدبَرَ عَنكُمْ أَدبَرَ بِغُفرَانِ الذُّنُوبِ، هَذا شَهرٌ الحَسَناتُ فِيهِ مُضَاعَفَةٌ وَأَعمَالُ الخَيرِ فِيهِ مَقبُولَةٌ».

* وعـن الإمـام الرضا ع في حديثٍ آخـر قال: «مَنْ ضَحِكَ فِيهِ (أي في شهر رمضان) فِي وَجهِ أَخِيـهِ المُؤمِنِ لَمْ يَلقَهُ يَـومَ القِيَامَةِ إِلَّا ضَحِكَ فِي وَجهِهِ وَبَشَّـرَهُ بِالجَنَّةِ، وَمَنْ أَعَانَ فِيهِ مُؤمِنَاً أَعَانَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى الـجَّوَازِ عَلَى الصِّـرَاطِ يَومَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقدَامُ، وَمَنْ كَفَّ فِيهِ غَضَبَهُ كَفَّ اللهُ عَنهُ غَضَبَهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَمَنْ نَصَـرَ فِيهِ مَظلُومَاً نَصَـرَهُ اللهُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَادَاهُ فِي الدُّنيَا وَنَصَرَهُ يَومَ القِيَامَةِ عِندَ الحِسَابِ وَالمِيزَانِ».

* قيل للصادق ع: «مَا الَّذِي يُبَاعِدُ عَنَّا إِبلِيسَ؟ فَقَال: الصَّومُ يُسَوِّدُ وَجهَهُ، وَالصَّدَقَةُ تَكسِـُر ظَهرَهُ، وَالحُبُّ فِي اللهِ وَالمُؤازَرَةُ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ يَقطَعَانِ دَابِرَهُ، وَالاِستِغفَارُ يَقطَعُ وَتِينَهُ».

* وحُكِي عن عليّ بن الحسين ع أنّه: «كانَ إِذَا دَخَـلَ شَـهـرُ رمـضـانَ تَـصـدّقَ فِـي كـلّ يـومٍ بدرهمٍ فيقول: لَعَلِّي أُصِيبُ لَيلَةَ القَدرِ».

 

6- تفطير الصائمين

* عن رسول الله (ص) في آخر جمعة من شعبان قال: «وَمَنْ فَطَّرَ فِيهِ (شهر رمضان) مُؤمِنَاً صَائِمَاً كانَ لَهُ عِندَ اللهِ بِذَلِكَ عِتقُ رَقَبَةٍ وَمَغفِـرَةٌ لِذُنُـوبِهِ فِيمَـا مَضَى.
فقِيـلَ يا رسُولَ اللهِ ليسَ كلنا نَقدرُ على أن نُفطّرَ صائماً؟
فقال: إِنَّ اللهَ كَرِيمٌ يُعطِي هَـذَا الـثَّـوَابَ مَـنْ لَـمْ يَـقـدِرُ إِلَّا عَـلَـى مَذقَةٍ مِنْ لَبَنٍ يُفَطِّرُ بِهَا صَائِمَاً، أَو شَربَةٍ مِنْ مَاءٍ عَذِبٍ، أَو تَمَرَاتٍ لَا يَقدِرُ عَلَى أَكثَرَ مِن ذَلِكَ».

* عن الإمام الباقر ع قال: «أيُّما مُؤمِنٍ فَطَّرَ مُؤمِنَاً لَيلَةً مِنْ شَهرِ رَمَضانَ كَتَبَ اللهُ لَهُ بَذَلِكَ أَجـرَ مَنْ أَعتَـقَ نَسَمَةً، وَمَنْ فَطَّرَهُ فِي شَهرِ رَمَضانَ كُلَّهُ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِذَلِكَ أَجـرَ مَنْ أَعتَقَ ثَلَاثِينَ نَسَمَةً، وَكَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِندَ اللهِ دَعوَةٌ مُستَجَابَةٌ».

* عـن الإمـام الصادق عقـال: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمَاً فَلَهُ مِثلُ أَجرِهِ».

* عن رسول (ص) قـال: «وَمَنْ أَشبَعَ صَائِمَاً سَقَاهُ اللهُ مِنْ حَوضِـي شَربَةً لَا يَظمَأُ بَعدَهَا، وَهُوَ شَهرٌ أَوَّلُهُ رَحمَةٌ، وَأَوسَطُهُ مَغفِـرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتقٌ مِنَ النَّارِ».

*عن الإمام الرضا ع قال: «فِطرُكَ أَخَاكَ الصَّائِمَ أَفضَلُ مِنْ صِيَامِكَ».

* عن الإمـام الصادق ع قـال: دخل سدير على أبي في شهر رمضان فقال له: «أَتَدرِي أَيِّ اللَّيَالِي هَذِهِ؟
قال: نَعم جُعلتُ فداكَ، هذهِ لَياليَ شَهرِ رَمضانَ فما ذاك؟
فقال ع: أَتَقدِرُ عَلَى أَنْ تُعتِقَ فِي كُلِّ لَيلَةٍ مِنْ هَذِهِ اللَّيَالِي عَشرَ رَقَبَاتٍ مِنْ وُلدِ إِسمَاعِيلَ؟
فقال: بِأبي أنتَ وأُمّي لَا يبلُغُ مَالي ذلك.
فَمَا زالَ [الإمـامُ] يُنقِصُ لـه حتى بَلَغَ رَقَبَـةً واحدةً، وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا أَقدِرُ عَلَيهِ.
فقال له ع: فَمَا تَقدِرُ أَنْ تُفَطِّرَ فِي كُلِّ لَيلَةٍ رَجُلاً مُسلِمَاً؟
قالَ له: بلى وَعشرة.
فقال له: فَذَاكَ الَّذِي أَرِدتُ يَا سُدَير، إِفطَارَكَ أَخَاكَ المُسلِمَ يَعدِلُ رَقَبَةً مِنْ وُلدِ إِسمَاعِيلَ».

   ولا يستغرب المؤمن مثل هذا الثواب العظيم في هذه الرواية وفيما تقدم لأن الله سبحانه يحب لعباده دخول الجنة ولا يرغب بدخولهم النار كما قال في كتابه: ﴿مَا يَفعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾،

   ولهذا يهبهم من فضله وكرمه الأجر العظيم في المناسبات الأوقات المباركة كالحج وشهر رمضان وليالي الجمع وما شابه ما يكون كفارة لهم وممحاة لذنوبهم عسى أن يكون في ذلك نجاة لهم من النار كما أنه سبحانه يجزي المؤمنين والمؤمنات من جانب آخر على طاعاتهم واعمالهم الصالحة بأضعاف مضاعفة من الأجـر والمثـوبة حباً لـهم وتثمينـاً لطاعتهم وعبادتهم له،

   مَثَلُ ذلك كَمثَل الأب الحنون الذي يحب أولاده حباً جماً وينتظر مناسبة مفرحة أو عملاً حسناً ليغتنم الفرصة ويهديهم من عطاياه حباً لهم وتربية لهم على الأعمال الحسنة، فهو يريد العطاء والإحسان ولكنه ينتظر شروعهم بعمل صالح أو مناسبة مميزة ليعطيهم من هداياه وكرمه،

   وإذا كان هذا حال المخلوق فكيف بحال الخالق؟ وهو الغفور الودود الرؤوف الرحيم، الذي لا ينقصه العطاء شيئاً أبـداً بل يزيـده جـوداً وكرماً، سيّما والخلق كلهم عياله وعباده، قد شملهم بفضله وكرمه قبل خلقهم وبعد خلقهم، ولا تزال نعمه تحيط بهم من كل حدب وصوب، وفي كل آن وزمان، فالسعيد من سبق إلى رضاه وعفوه.

 مع اطيب التحيات من  
     نبيل شعبان

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com