الشخصية المحمدية .... بين الحقيقة والواقع

 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم  .....  بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين ورحمة الله وبركاته
 

    احببت أن ابدأ مقالي هذا من كتاب (الأشخاص المائة الأكثر تأثيرا في التاريخ) للكاتب الأمريكي المشهور مايكل هارت المختص في علوم التاريخ والفيزياء الذي اثار ضجة في وقتها وطبع حوالي نصف مليون نسخة وترجم الى اكثر من 15 لغة حيث اعد في كتابه قائمة لأفضل مائة شخصية في العالم وحسب الأفضلية من الأعلى الى الأدنى فتوصل في بحثه الى ان الشخص الأول هو محمد صلى الله عليه واله وسلم.

 
    حيث يقول في كتابه ان النبي محمد ص واله قد نجح نجاحا فائقا في عالمي الدين والدنيا وحقق ما لم يحققه غيره من الشخصيات العالمية حتى المسيح نفسه فمن ضمن الخصال التي ذكرها المؤلف التي تألقت في شخصية الرسول الأعظم : أنه في الوقت الذي كان فيه رسول الله وخاتم رسله فقد كان مصلحا اجتماعيا وسياسيا وفيلسوفا في الوقت الذي كان خطيبا وقائدا عسكريا ومشرعا ومحسنا للناس وانسانيا (بما تحمله الكلمة من معنى ) .

 
    وما نريد بيانه في المقام ليس مدحا لرسول الله ، فليس للعبد الغارق في غيابة الذنوب ذلك ، ولكن ما نريد بيانه هو ما نراه اليوم من التغييب المتعمد لشخصية الرسول الأعظم محمد ص واله عن واقعنا الاجتماعي كونه النموذج الأكمل والقدوة الأصلح والأسوة الحسنة في الوقت نفسه نجد هناك محاولة جادة في ايجاد النموذج البديل لشخصيته سواء من نفس الأمة الإسلامية أو من خارجها ومن أتباع مدرسة اهل البيت أو من غيرها وهو ما أريد أن أقف عليه في مقالي .


فرسول الله لم يبعث لكي يحمد ويمجد في محافلنا فهو في السماء أحمد وفي الأرض محمد .
بل هو نموذج انساني حي تنبض عروقه في جذور الحياة البشرية يرتقي بالإنسانية الى اعلى مدياتها وهو القائل : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) فنحن نبحث عن محمد في تاريخينا وفي أشعارنا وعلى احسن التقادير في احكام صلاتنا وصومنا وطهارتنا ولكن نفتقده في أخلاقياتنا وسلوكنا وإنسانيتنا ومعاملاتنا اليومية الدينية منها والدنيوية؟


     الكل يدعي تابع لمحمد ص واله والسلوك يكشف كذب المدعين ..
فما بين وسارق وكاذب وقاطع للرحم ومغتاب وظالم لرعيته ومتعصب لقوميته ومذهبه ومرجعيته الدينية أو السياسية وما بين تارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمحسوبية أهله أو حزبه أو أبناء جلدته أو طائفته .. متناسيا قوله ص واله (( لا فرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوى )) وكأننا اليوم نقود الإنقلاب الأسود على رسالته ص واله وخصوصا على مستوى الأخلاق والعقائد وحتى الفقه باحثين عن حيل شرعية متناسين الروحية التي جاءت بها الأحكام الشرعية القاصدة لتطهير الروح من دنسها الرقي بها الى مدارج الكمال .


   كم لدينا من دراسات علمية في شخصيته وسيرته وكم أنجزنا من البحوث والتحليلات في مواقفه وأحاديثه ...
والمصيبة الأعظم والأدهى إننا هجرنا القرآن الذي جاء به صلى الله عليه واله وهو(( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين () يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم )) المادة 15,16


    فلا عجب أن ينزل الله علينا عذابا من السماء وما هو علينا ببعيد و(( هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض أنظر كيف نصرف الأيات لعلهم يفقهون )) الأنعام 65


     فهاهم المسلمون اليوم شيعاً يذيق بعضهم بأس بعض تاركين ما جاء به محمد صلى الله عليه واله وراء ظهورهم غافلين عما اوصلهم الى ما هم عليه حتى ضاقت من أذاها سائر الأمم .


    نحن اليوم جميعا مدعوون الى تصحيح المسار سواء من رجال دين أو من كل العاملين في شتى الميادين ومصارحة انفسنا بهذا الضرر الذي الّم بنا فلن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.


     فرسول الله إنطلق من واقع اجتماعي وسلوكي مأساوي تعبد فيه الأصنام ويقتات فيه القد والورق ويكفر بالله جهارا واسرارا وليلا ونهارا وقد نجح في أن يؤسس هذا الدين بإيمانه وعزمه وبتأييد الله وتوفيقه وما هو إلا أسوة لنا كما علمنا الله (( ولكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا ))
فإن كنا إدعينا الإنتساب لعلي (ع) فلنتعلم من علي (ع) كيف إحتذى بمحمد صلى الله عليه واله حتى اصبح نفس رسول الله فمحمد الأصالة وعلي التبع وما يعرف من فضل لعلي (ع) الا في حذوه لمحمد (صلى الله عليه واله ) .

والحمد لله رب العالمين

عيسى حسين صادق
1435 هــ

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com