بداية الولادة منها كانت ولادة البداية

 

    ماهبط عليك جبرائيل يوم الغار للبداية والبدار . لا ..لا.. فقد كانت عندك الاسرار . ما كان الا الاعلان والاجهار

     واشرقت الارض بنور ربها وانكشفت ظلات الاستار ، وإذ وجدت علة الافلاك ، وجاء الحق وزهق الباطل ، وانمحى الموهوم وصحى المعلوم ، واستجيبت دعوة ابراهيم ، وتحققت بشارة عيسى ، وولد الماضي والحاضر والمستقبل ، وبرز خير الخلق ، واستخلف الخليفة الاعظم ، وولد الانسان الكبير ، وارسل رحمة العالمين ، واسقط ايوان كسرى ، واخمدت نيران الفارس ، ولقد صلى الله والملائكة ، وتمت كلمة ربك صدقا ، وتنزلت الملائكة والروح فيها ، وبوركت ام القرى ومن حولها ، وختمت الانبياء ، وحضر الشاهد على الشاهد ، قد جاءكم من الله نور وكتاب محمد .... لقد ولد محمد بن عبد الله .


     نعم يا أيها المدثر ، نعم يا أيها المزمل ، فتحت صدرك للقول الثقيل ، ومنذ الولادة بدأت القراءة ، منذ ذلك اليوم سقط ايوان كسرى واخمدت نيران فارس حين حدث في العالم أمر خطير . من ذلك اليوم جاء نصر الله والفتح ، من ذلك اليوم قيلت كلمة التوحيد ، بمجرد ان ولد هوى على الارض ساجدا رفع يداه الى السماء واستند باخرى على الارض ، قائلا : ( لا اله الا الله ) ، منذ ذلك اليوم قال اني عبد الله آتاني الكتاب واوصاني بالصلاة والزكاة ، منذ ذلك اليوم تعلق المخلوق بالخالق والمعلول بالعلة والجميل بالجمال ، منذ ذلك اليوم عرف من هو ، ولم هو ، ولاي شيء هو ، كان يعلم ، كان ينتظر ، كان يترقب ، ولما جاءت الساعة ، ونزل الوحي ، وحصل اللقاء ، وارتبطت الارض بالسماء ، قال له إقرأ بسم الرب ، بسم الله ، بسم رب العالمين ، انت الحامد وانا المحمود ، انت العابد وانا المعبود ، لأ اجلك أمرت الملائكة ان يسجدوا لآدم ، لأاجلك خلقت سماء مبنية وأرضا مدحية وقمرا منيرا وشمسا مضيئة .
      وضعتك في الاصلاب الشامخة ، والأرحام المطهرة ، من طهر الى طهر ، الى ان جاءت الساعة الكبرى ، ليولد الماضي والحاضر والمستقبل .
 

      نعم يا ابا الزهراء هذا شأنك مع الله ، كنت الخاتم لما سبق ، والفاتح لما أستقبل ، ملكت الاولين والآخرين من الجن والناس اجمعين ، لايوجد احد من المخلوقين من آدم الى يوم الدين لايسأل عنك ، من لم يبشر بك من الانبياء ؟ اثنا عشر وصيا كلهم منك واليك ، ذرية بعضها من بعض .
     

      نعم ياسيد الكائنات لقد جمع الله العالم فيك ، بل كل الوجود له بيعة لك ، اي ارض واي سماء ؟ كنت في العرش نورا محدقا ، من لايحتاج اليك ؟ وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ، ان صلاتك سكن لهم ، وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم ، حريص عليكم ، بالمؤمنين رؤوف رحيم ، لاتذهب نفسك اليوم عليك حسرات ، ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول .


     الأمم تأتي لآنبيائها ليشهدوا عليهم ، والانبياء ياتون اليك لتشهد عليهم ، فأنت الشاهد عليهم اجمعين ( فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) ، اعطاك الله لترضى ، وانزل عليك السكينة ، وصلى عليك والملائكة ، وهناك بالنفس المطمئنة ، وعصمك من الناس ، وادبك بالخلق العظيم ، فكنت قاب قوسين ، حيث لم يسبقك سابق ، ولا يلحقك لاحق ، لاملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولا......


      الكل غير مأذون له ، لا يجوز أحد ، المكان فقط لمحمد (صلى الله عليه واله وسلم ) ما هبط جبرائيل بالقراءة ليعرفك بالله ، حاشاك ، انما اردت تفصيل القراءة ، من اين ستكون القراءة ، ما هو موضوع القراءة كونك لا تنطق عن الهوى ، مؤدب مهذب كريم ، بر بار رحيم ، وحتى لو قال (ما انا بقارئ) وفهمنا انه الرفض والنفي ، فليعرف وليتأكد من هذا المرسل ؟ هل هو رسول الله ؟ هل يدعو الى لا اله الا الله ؟ ولما قال اقرأ بسم ربك الذي خلق، ما تزلزل هذا اليقين لمحمد ، بل اتحدت الارادتان ، وثبت الفؤاد ، فالله اعلم حيث يجعل رسالته ، لم يخف محمد ، او يخاف عند الله المرسلون ؟!

بداية الولادة هي ولادة البداية

      منذ اول لحظة من ولادته تقول الرواية انه تلقى الارض بيد واشار باخرى الى السماء قائلا : (لا اله الا الله) وعندها سقط ايوان كسرى واخمدت نيران فارس ، وعندها انكسر الشيطان ، وقال خير الخلق واكرم العبيد واعظم العالم محمد ، وعندها ارسل الضياء ، وحصل الاصطفاء ، محمد عبده ورسوله ، مختار منتجب ، محمد مصطفى ،اودعه في لشرف اصلاب ، واطهر ارحام ، كلما نسخ الله فرقتين جعله في خيرهما ، ولد ليكون نبيا ، ولد ليكون سيدا ، ولد ليكون الرحمة ، ولد والتطهير معه لأن الله اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، كان مستعدا ، كان مؤهلا ، كان كاملا لأن يقرأ من ساعة الولادة ، ما بال من يقول انه امتنع ، ما اجهلهم بمحمد ! ما اعماهم !ما رأواعيسى كيف نطق في المهد صبيا ، نعم ، كانوا مستعدين باكمل عقول واكبر قلوب واقوى حواس ،لقد بخستم حق محمد (ص) كثيرا عندما قلتم انه كان يعصي قبل البعثة ،هيهات ، هيهات ، لا ينال العهد الظالمين فكيف وقد نال العهد ، واي عهد ؟ عهد الماضي والحاضر والمستقبل ، انى له ان يظلم ؟ انى له ان يعصي ؟انى له ان يهجر ، وهو لاينطق عن الهوى ، لقد ذهبت بعيدا ايها الرجل ، بئسما تقولتم !

ما عند الانبياء كله عند محمد (ص) واكثر

      اسري به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ، عرج به الى السماء ، بل الى سدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى ، بل الى قاب قوسين او ادنى ، انشق له القمر ، انحنى له اجلالا الشجر ، هذا نزر مما اختص به الخاتم ، ولو شاء باذن الله ان يحيي الموتى ، و يفلق البحر ، ويقلب العصا ثعبانا لفعل ، ولأعطي ذلك ، ولو شاء ان يجعل النار بردا وسلاما لفعل ، ولكن الله حكيم ، جعل كل شيء في مكانه ، هو ادرى بالمصالح في كل زمان ومكان ، وفي كل امة وما يناسبها والا من كان له مع الله وقت لايسعه نبي مرسل او ملك مقرب سيقول للشيء كن فيكون باذن الله وباسم الله الأعطم ، واذا كان محمد بهذه العظمة فتعالوا معي لنطلب منه شيئا بسيطاهو ابسط بكثير من ادنى معجزة لمحمد (ص) ، نطلب منه ان يشفع لنا عند الله لأن الله اعطاه ذلك ومكنه من ذلك عندما قال له : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) ، تعالوا نطلب منه ان يستغفر لنا الله فان الله اعطاه الأجابة حينما قال : ( ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفرلهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) ..
       فالسلام عليك يا احمد ، السلام عليك يامحمود ، السلام عليك يا حامد ، السلام عليك يامحمد ( لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com