الامام محمد بن علي الجواد ( عليه السلام ) شبيه الانبياء


قال الإمام علي بن موسى الرضــا ( عليه السلام ) " قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم ، قُدِست ام ولدته "
هكذا بدئت حياة الامام الجواد ( سلام الله عليه ) ومن والده الرضا بتشبيهه بالانبياء ( سلام الله عليهم ) في اخر يوم من ايام شهر ذي القعدة الحرام ذكرى أليمة تخص شمسا من شموس ال محمد وعالما من علمائهم وسيدا جليلا من ساداتهم الا وهي ذكرى استشهاد الامام محمد بن علي الجواد ( عليهما السلام ) وذلك في سنة 220 للهجرة في بغداد مسموما مقتولاً على يد ظالم من ظلمة بني العباس الا وهو المعتصم عن طريق ابنته والتي هي زوجة الامام الجواد ( عليه السلام ) ام الفضل ولم يتجاوز عمره الشريف 25 ربيعاً .
من القابه ( سلام الله عليه ) التقي والجواد والقانع والمرتضى والرضي والمتوكل والزكي وابو جعفر الثاني ككنية جده الامام الباقر ( عليه السلام ) ويفرق بينهما فيقال للامام الباقر : ابو جعفر الاول ، وللامام الجواد : ابو جعفر الثاني .
تجلت ايات الله الباهرات من نسل محمد ( صلى الله عليه واله ) في العترة الطاهرة والائمة الهداة العصومين فكان الامام محمد بن علي الجواد الدال على الحق والهادي الى الرشاد والمعجز في القول والايمان والفضيلة وتسلم مقاليد الامامة وهو لم يزل صبياً .
ولم يكن العمر ليقصر دون الامامة فانها من لطف الله تعالى ورحمته يهبها لمن يشاء وقد زاد الامام الرضا ( عليه السلام ) من العناية واظهار المقام المحمود لولده محمد الجواد ( عليه السلام ) لما كان يعلم من دوره الجليل فكان يجله ويعظمه امام الناس ويوصيه بالماثر والمكرمات فدانت له الجموع المسلمة بالولاء والطاعة .
ورث الامام الجواد ( عليه السلام ) علم الاولين والاخرين عن ابائه الطيبين وحمل جمال وجلال النبوة وهيبتها فكان نابغة في الفهم والعلم دان له كل مدعٍ ومعاند وانقاد له كل محب وموال .
وقد حفل التاريخ بشهادات من معاصري الامام ( عليه السلام ) تسطر الفضل وتسطر عظمة هذه الشخصية ودورها في حياة الرسالة والامة الاسلامية ، وقد تبعهم جمع من المؤرخين والمحدثين المنصفين من العلماء الامناء الى يومنا هذا .
قضت الحكمة الالهية ان يمتد عمر الامام الى زمن اطول من دور النبوة اذ ان طبيعة النفوس البشرية تحتاج الى وقت قد يطول لتتقبل الرسالة على حقيقتها فتسري احكامها على الجميع من دون اعتراض كما ان طبيعة الاحكام والقوانيين والسنن تحتاج الى قيمٍ عليها يوضحها ويطبقها ويقود الصالح منها وحيث ان خبرات الانسانية تراكمية كان لابد من تواصل الائمة وتنوع ادوارهم لتصل البشرية الى حالة النضج والوعي التام والقبول المطلق للرسالة .
تمتع الامام الجواد ( عليه السلام ) بكل مؤهلات الامامة والقيادة بالرغم من امامته المبكرة فكان القدوة والنموذج الرسالى الواعي لما رسمته الشريعة السمحاء فقام بدوره في الامة علما هاديا يقيم عمود الدين الاسلامي ويرسم للجماعة الصالحة ولعموم المسلمين طرق العمل والسلوك والتربية وفق ما تقتضيه مرحلته الراهنة وما تتطلبه المرحلة المقبلة من اعداد .
ان مطالعة سريعة لجوانب من شخصية الامام الجواد ( عليه السلام ) نلمس منها تواصلا واضحا مع ابائه الطاهرين ومع النبي ( صلى الله عليه واله ) وتفاعلا مع الامة المسلمة في تفاصيل حياتها .
لقد كان الامام الجواد ( عليه السلام ) اعبد اهل زمانه واشدهم خوفا من الله واخلصهم طاعة له.
فقد مثلت ادعية الامام الجواد ( عليه السلام ) مدى انقطاعه الى الله تعالى وعرفت المناجاة التي رواها عن ابائه ( عليهم السلام ) بالوسائل الى المسائل .
وقد عرف الامام ( عليه السلام ) بالزهد كابائه الطاهرين وهو في ريعان شبابه وزهرة حياته وهو القادر على الالتذاذ باحسن ما يلتذ به ملوك عصره ولكنه اعرض عن زخارف هذه الحياة المادية واختار الابتعاد عنها مؤثرا طاعة الله ورضاه على كل ترف وهو مع هذا كان يجود بما لديه على المحتاجين ويحسن الى المسلمين ويواسي الناس في ضرائهم وسرائهم ويعزيهم على نكباتهم ويمد يد المعونة اليهم ولم يضارعه احد من معاريف عصره في علمه وتقواه وسخائه واحسانه .
بالرغم من قصر المدة التي عاشها الامام الجواد ( عليه السلام ) ولكنه قد اتحف العالم الاسلامي والانساني بتراث قيم وثرين مثل قمة العلم والسداد وتضمن اهم قواعد السلوك والاخلاق والتربية الفردية والاجتماعية ، وقد ركز الامام ( عليه السلام ) على اهم اصول التعايش الاجتماعي السليم في مجتمع اسلامي وانساني .
فسلام على جواد الائمة الطاهرين ( عليهم السلام ) يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً
اعداد الفقير الى رحمة ربه :
سيد منتظر الصادق
4 ذي القعدة الحرام 1431 للهجرة

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com