إستكبار إبليس    11
 

   تقدم الحديث عن وسائل الشيطان في الاغواء ومن ذلك التخويف من الفقر، والحث على الفحشاء، والامر بالسوء، وتزيين المعاصي، ومن وسائله كذلك:

- الاضلال والانحراف عن طريق الله

   فالشيطان يسعى لمنع الانسان وحرفه عن الوصول لسبل الهداية الربانية لكي يبقى خاضعا لتأثيره ووساوسه كما بين الله ذلك في كتابه الكريم عن تهديد الشيطان للإنسان بقوله: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَـهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ {أي من أمامهم}، وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ، وَعَنْ شَمَائِلِهِم {أي من جهة اليمين واليسار}، وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾

وهو ما يعني الاحاطة بهم من كلّ جانب لإضلالهم عن الطريق، ومن أساليبه في ذلك ما يلي:

 التشكيك في القيم والمعتقدات بمختلف الأساليب والسبل:

وهو ما بينه الله بقوله: ﴿إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَـمُشْرِكُونَ﴾

عن رسول الله (ص) في رجل شكى إليه الوسوسة بالتفكير في ذات الله فقال:
«إِنَّ الشَّيطَانَ أَتَاكُمْ مِنْ قِبَلِ الأَعمَالِ فَلَمْ يَقوَ عَلَيكُم، فَأَتَاكُمْ مِنْ هَذَا الوَجهِ (أي من طريق الوسوسة والتشكيك) لِكَي يَستَزِلَّكُم، فَإِذَا كانَ كذَلِكَ فَلْيَذكُر أَحَدُكُم اللهَ وَحدَهُ» (الكافي: ٢ / ٤٢٥)

عن الإمام الصادق ع في ذكر وسوسة الشيطان بالتشكيك في الصلاة قال:
«لَا تُعَوِّدُوا الخَبِيثَ مِنْ أَنفُسِكُم بِنَقضِ الصَّلَاةِ فتُطمِعُوهُ، فَإِنَّ الشَّيطانَ خَبِيثٌ يَعتَادُ لِـما عُوِّدَ، فَلْيَمضِ أَحَدُكُم فِي الوَهمِ، وَلَا يُكثِرَنَّ نَقضَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ لَم يَعُد إِلَيهِ الشَّكُّ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الخَبِيثُ أَنْ يُطاعَ، فَإِذَا عُصِيَ لَم يَعُد إِلَى أَحَدِكُم» (الكافي : ٣ / ٣٥٨)

عن أمير المؤمنين ع قال:
«ثُمَّ أَسكَنَ سُبحَانَهُ آدَمَ دَارَاً أَرغَدَ فِيهَا عَيشَهُ، وَآمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ، وَحَذَّرَهُ إِبلِيسَ وَعَدَاوَتَهُ، فَاغتَرَّهُ عَدُوُّهُ، نَفَاسَةً عَلَيهِ بِدَارِ المُقامِ وَمُرَافَقَةِ الأَبرَارِ، فَبَاعَ اليَقِينَ بِشَكِّهِ، وَالعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ» (نهج البلاغة، الخطبة ١)
(أي كان سلاح الشيطان مع آدم هو التشكيك في اليقين والتضعيف في العزيمة أو الإرادة).

* الظنّ والتوهّم وعدم العلم واليقين:

وهو ما بينه الله في الكتاب بقوله: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعلَمُونَ﴾

عن ابن عبّاس انه قال :
«مَا خَالَفَ القُرآنَ فَهُوَ مِنْ خُطُواتِ الشَّيطانِ» (الدر المنثور: ١ / ٤٠٣)
(فالقرآن هو اليقين الثابت وما سواه يقبل الشك والترجيح).

وعن أمير المؤمنين ع قال:
«إِنَّما بَدءُ وُقُوعِ الفِتَنِ أَهوَاءٌ تُتَّبَعُ.... فَهُنَالِكَ يَستَولِي الشَّيطانُ عَلَى أَولِيَائِهِ، وَيَنجُو الَّذِينَ سَبَقَت لَـهُم مِنَ اللهِ الحُسنى» (نهج البلاغة، الخطبة ٥٠)
(أي أن الشيطان يستخدم الفتنة والاختلاف في دفع أتباعه وضعاف الدين نحو الوقوع في الإثم والمعاصي الكبيرة).

* تلبيس الدين:

عن الإمام زين العابدين ع قال:
«فَلَولَا أَنَّ الشَّيطَانَ يَختَدِعُهُم عَنْ طَاعَتِكَ مَا عَصَاكَ عَاصٍ، وَلَوْ لَا أَنَّهُ صَوَّرَ لَـهُمُ البَاطِلَ فِي مِثالِ الحَقِّ مَا ضَلَّ عَنْ طَرِيقِكَ ضَالٌّ» (ميزان الحكمة: ٤ / ١٤٥٥)
(أي أن الشيطان يبرر للناس المعاصي باسم الدين والدفاع عنه وعن قيمه وجماعته وتشكيلاته ليسوقهم إلى فعل الحرام من الغيبة والنميمة والظلم وما شابه باسم الانتصار للدين).

وعن أمير المؤمنين ع قال في توضيح بعض أساليب الشيطان وإغراءاته:
«يَا كُمَيلُ، إِنَّ إِبلِيسَ لَا يَعِدُ عَنْ نَفسِهِ، وَإِنَّمَا يَعِدُ عَنْ رَبِّهِ لِيَحمِلَهُم عَلَى مَعصِيَتِهِ فَيُوَرِّطَهُم» (بشارة المصطفى / ٢٧)
(بمعنى ان الشيطان لا يدعوهم باسمه وإنّما يدعوهم باسم الدين أو اسم الله ليسهل خداع الناس، أي يلبّس المعاصي لباس الدين والطاعة لله في تزيين فعلها)

وللحديث تتمة

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com