اهمية يوم الغدير    1
 

   من المعلوم ان الله لم يخلق الخلق عبثا كما قال في كتابه الكريم: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ، فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)، اذ بعد هذه الدنيا توجد الحياة الاخرة التي يحاسب الله بها الانسان على اعماله في الدنيا ليحدد له موقعه في الجنة ام النار بموجب سعيه وعمله الدنيوي، ولذا كان بعض من رحمة الله بخلقه هو اقامة الحجة عليهم بتنزيل الكتاب وارسال الانبياء والرسل والاولياء، فالحجة لا تقوم من دون وجود الكتاب المنزل من الله، ومن دون وجود المعصوم من نبي او ولي يقوم بتطبيق امره في كتابه او شريعته التي انزلها للناس لضمان سعادتهم في الدنيا والاخرة، فالحكم في الارض لله، وكل ما فيها انما يقوم بأمر الله وارادته وهو الخالق والمشرع لعباده بما يريد والذي فيه خيرهم وسعادتهم في النهاية فالله غني عن عباده، وقد بين ذلك بآيات صريحة منها قوله تعالى:
(فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)
(إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ، وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ، ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)

كما بين سبحانه في كتابه الكريم وجوب اتباع امره وشريعته بقوله:
(ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)
(وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

    ومن هنا كانت اهمية يوم الغدير في تعين خليفة الله بعد النبي، فرغم الاحاديث الكثيرة التي اوضح رسول الله(ص) بها منزلة ومكانة علي بن ابي طالب (ع) في اكثر من مناسبة ابتداء من يوم دعوته عشيرته للإسلام بعد ان ذكر ان من يبايعه يكون خليفته من بعده، فلم يبايعه احد الا علي ع فقال له: انت اخي وخليفتي من بعدي، فضحك القوم وقالوا لابي طالب بخ بخ لك فاسمع لابنك واطعه، الى المناسبات الكثيرة في المدينة ومنها تركه لعلي ليكون خليفته في ادارة المدينة بوجه المنافقين الذين كانوا ينوون الشر بالإسلام ونبيه فأشاع المنافقون بان النبي اراد الخلاص منه فقال له قولته المشهورة: يا علي انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي.

    والاحاديث كثيرة جدا التي بينها رسول الله في حق علي ومنزلته عند الله ومكانه المستقبلي في قيادة الامة الا ان الله اراد اقامة الحجة على الناس فاختيار النبي او الوصي المعصوم هو اختيار الهي ولا دخل لاحد من الناس في ذلك ولذلك امر نبيه بجمع الحجاج بعد حجة الوداع فجمعهم في منطقة تعرف بغدير خم وكان الرسول محرجا في اعلان الولاية لعلي خشية من عدم طاعة الناس له فنزلت الاية التي تقول له: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لَمْ تَفعَلْ فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فقام خطيبا بهم وقال لهم بعد المقدمات التي تبين انه لن يدوم مقامه فيهم فقال لهم: اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ورفع يد علي ابن ابي طالب (حتى بان بياض ابطيه) وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والي من والاه، وعادي من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فبايعه الجميع حتى ابا بكر وعمر وعندها نزلت الآية بقوله تعالى:
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)

   حيث يعتبر يوم الغدير هو يوم الولاية الربانية اذ ان الحكم الاسلامي لا يكون الا حكما لله ومن ذلك تعيين الحجة او الولي المعصوم الذي يطبق كتاب الله ويعمل بأمره، اما لماذا سكت امير المؤمنين عن المطالبة بحقه الالهي فهذا ما سيأتي التوضيح فيه تباعا في الحلقات القادمة

للبحث تتمة

 

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com