حقيقة الدنيا     11


عن امير المؤمنين ع قال:
[من غلبت الدنيا عليه عمى عما بين يديه]

   حينما يتعلق القلب بحب الدنيا وشهواتها فان العقل يتعطل عن التأثير لغلبة الشهوة على الانسان فيندفع لتحقيق نزواته باي وسيلة يتمكن منها ومن كل طريق من دون ملاحظة الواقع والنتائج التي تترتب على ذلك ، ولذا فقد أكد امير المؤمنين ع نتائج واثار حب الدنيا فقال:
[حب الدنيا يفسد العقل، ويهم القلب عن سماع الحكمة، ويوجب أليم العقاب]
اي ان حب الدنيا الذي يجمع مختلف الشهوات يكون باعثا لتجميد العقل وحاجبا للقلب بالهموم التي يدخلها عليه من حب الشهوات والتي تنتهي بسوء العاقبة والعذاب الاليم،

وفي الخبر ان الله قال لداود
[يا داود: احذر القلوب المعلقة بشهوات الدنيا، فإن عقولها محجوبة عني]

وعن امير المؤمنين ع قال:
[ من لهج قلبه بحب الدنيا التاط قلبه منها بثلاث: هم لا يغبّه، وحرص لا يتركه، وأمل لا يدركه]

  فالإنسان حينما يستولي عليه حب الدنيا فان قلبه يتعلق بثلاث خصال وهي:

الخصلة الاولى :  الهم الذي لا يتركه والذي يجثم على قلبه للوصول الى ما يريد فهو يحمل هم الحاضر والمستقبل وهم مالم يأتي وكأنه ضامن لعمره، و

الخصلة الثانية  :  هي الحرص او البخل الذي يجعله يتعامل مع الامور بنظرة دنيوية ضيقة من دون ملاحظة الاخرة وما فيها من ثواب الله وفضله حينما يؤثر الاخرين ويشركهم فيما افاض الله عليه من فضله، و

الخصلة الثالثة  :  لحب الدنيا هي طول الامل في العيش فيها، فكلما نال امل منها تجدد له اخر حتى يدركه الموت وهو لم يحقق كل اماله، وهو ما ورد فيه النهي في روايات النبي واهل بيته اذ ان طول الامل ينسي الاخرة والاستعداد لها.

    فعن الامام الصادق ع قال:

[من تعلق قلبه بالدنيا تعلق قلبه بثلاث خصال: هم لا يفنى، وأمل لا يدرك، ورجاء لا ينال]،                فمن طبيعة الدنيا انها تشد الانسان اليها بمتعلقاتها وشؤونها فان اعطاها المؤمن المقدار الواجب من الاهتمام بها ولم ينسى الاخرة ومتطلباتها فقد نال السعادة في الدارين، اما اذا تولّه بها وعشقها بقلبه فانه يقع فيما ذكره الامام من اصابته بهم لا يفنى، وامل لا يدرك، ورجاء لا ينال، وهو ما نبه اليه نبي الرحمة باسلوب اخر .


فعن رسول الله (ص) انه قال:
[إنه ما سكن حب الدنيا قلب عبد إلا التاط فيها بثلاث: شغل لا ينفد عناؤه، وفقر لا يدرك غناه، وأمل لا ينال منتهاه] فمن يغلب عليه حب الدنيا فهو في عناء دائم من اشغالها التي لا تنتهي، وفي فقدانه القناعة بعدم رضاه عن ما حازه منها فهو يستشعر الخوف من الفقر في المستقبل، وفي غفلته عن الاخرة حينما يصاب بطول الامل، وهو

ما ذكره امير المؤمنين ع بقوله:
[إنكم إن رغبتم في الدنيا أفنيتم أعماركم فيما لا تبقون له ولا يبقى لكم ]


وعنه ع في رواية اخرى قال فيها:
[ من كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها]

 فالمحب للدنيا اضاع عمره في المشاغل والهموم والالام اضافة الى تضيعه فرصة العمر لبناء الاخرة السعيدة.


وللحديث تتمة

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com