ذخائر الرحمة   13

 

عن امير المؤمنين ع قال «من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كان غده شر يوميه فمحروم، ومن لم يبال بما رزء من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له»


   تقدم الحديث السابق عن الاهتمام اليومي بالأعمال والتركيز على اعمال اليوم خاصة، اذ ليس من المعلوم ان يكون الغد هو من يوم الانسان الدنيوي بل قد يكون هو اول ايامه الاخروية التي يغادر فيها عن الدنيا تاركا لكل ما فيها من المشاغل والمشاكل والآمال والطموحات التي كانت تملأ كل وقته وشأنه ، وهو ما اوضحه امير المؤمنين ع في حديث اخر قال فيه:
«ألا إن الأيام ثلاثة: يوم مضى لا ترجوه (وهو الماضي)، ويوم بقي لابد منه (وهو الحاضر)، ويوم يأتي لا تأمنه (وهو المستقبل الذي لا يعلم مقداره الا الله)، فالأمس موعظة، واليوم غنيمة، وغد لا تدري مَن أهلُه (اي لا يعلم هل سيكون الانسان موجودا فيه ام راحل عنه الى الاخرة)».


   وهو ما يدعو الانسان الى الاهتمام والانشغال بشكل خاص بكل يوم يعيش فيه وكأنه ليس له يوم اخر غيره، ولذا تعددت الروايات في تقييم اليوم مع غيره الذي قد سبقه ليكون باعثا على زيادة الحسنات والصالحات، فان كان اليوم الجديد مساو لليوم السابق في الثواب والاجر، فصاحبه يعتبر مغبونا، قد غبن نفسه وضيع حظه فلم ينل من الثواب في ذلك اليوم ما يزيد على امسه، اذ يفترض في كل يوم ان يكون هناك زيادة في رصيد المؤمن الاخروي واقل ما يكون هو في اكتساب مزيد من الثواب الحاصل من صلاته ودعائه والواجبات التي بعهدته والصالحات التي يستطيع فعلها، اما اذا كانت السيئات في كل يوم تزيد على الحسنات التي يكتسبها بيومه فهي الخسارة لرصيده من الحسنات والتي تنذر بالخطر، اما اذا كان مقدار السيئات يتضاعف يوميا باضعاف مضاعفة فهو ممن فتنه الشيطان بالهوى والشهوات واخذ بزمامه نحو نار جهنم الا ان يتدارك نفسه ويصلح حاله بتوبة صادقة وعمل صالح يثبت عليه ليعوض عن سيئاته وما ضاع عليه من الفرائض والواجبات (فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)


   ورد عن الامام الصادق ع انه قال: «من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كان في غده شرا من يومه فهو مفتون، ومن لم يتفقد النقصان في نفسه دام نقصه، ومن دام نقصه فالموت خير له» فقيمة الحياة الدنيا بما يكتسبه الانسان من الخيرات التي يبني عليها حياته الاخروية السعيدة اما اذا كانت الحياة الدنيا هي زيادة في السيئات فقط فموت الانسان خير له من الحياة لتقليل عذابه وعقوبته الاخروية وهو ما اكده الإمام الكاظم ع بقوله: « من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان»
اللهم نور قلوبنا بنورك واهدنا بهداك ووفقنا الى رضاك
ونسألكم الدعاء

التالي

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com