خصال المؤمن   9

 

في تتمة حديث النبي عن خصائل المؤمن وصفاته قال :


يبجل الكبير ويرحم الصغير


اي ان من صفات المؤمن ان يحترم الاخرين ويوقر الذين هم اكبر منه منزلة في العلم او المقام او العمر او الشأن سواء اكانوا من الاقرباء او الاصدقاء او عموم الناس، فمن صفات المؤمن التواضع واعطاء الاخرين منزلتهم التي اكرم الله مقامها، قال تعالى في كتابه الكريم:
[وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا].
[يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ]
[وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ].
[فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا].
[إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا]


كما ان من صفات ان يرحم الصغير ويعطف عليه ويعامله بالحنان واللطف والمحبة التي تتناسب مع فعله وعمره، فلا يحمّله باكثر من طاقته، واذا ظهر منه شيء من التقصير او القصور الذي يناسب العمر فلا يهينه ويحط من شانه، بل عليه ان يرفق به ويعينه لبلوغ رشده المناسب لعقله، اضافة الى الثناء عليه وتشجيعه في موارد الخير والفلاح، فلرب كلمة او فعل يبقى اثرها على الطفل الصغير الى اخر عمره، ولرب فعل او قول من الانسان يكون من اسباب نجاته في الاخرة، او ربما يكون من اسباب هلاكه وهو لا يعلم .
[وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ] .
[وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ
لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ].


فكل عمل يصدر من الانسان محاسب عليه ومجزى به، ومن نعم الله على عبده ان يوفقه الى ألاعمال المبرورة التي يزيده بها من فضله في الدنيا والاخرة.
[مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ].
 

امينا على الامانات بعيدا عن الخيانات
 

اي ان من صفات المؤمن ان لا يخون الامانة سواء اكانت مادية او معنوية (كالأسرار)، ويؤديها صحيحة كاملة لأهلها سواء اكانوا من المؤمنين او الفاسقين، فهذا هو أمر الله الصريح كما بينه في كتابه بقوله:
[إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ].
ولذا فمن صفات المؤمن ان يكون بعيدا عن كل انواع الخيانات المادية والمعنوية فهو يفي بالمواعيد والعهود والمواثيق التي قطعها على نفسه، اذ ان الكلام شفاها او كتابة يمثل له التزاما دينيا واخلاقيا لا يستهان به، فجميع العقود والمواثيق الشرعية بكل تفاصيلها من الحلال والحرام، انما بنيت على الكلام والتعهدات الشرعية، وقد حذر الله من الخيانة بصورة واضحة فقال تعالى اسمه:
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ].
 

الفَهُ التقى وخٌلقَه الحياء
 

اي ان المؤمن لشدة اعتياده على التقوى واجتناب المعاصي فقد اصبح سروره وراحته في التقوى، حتى انها اصبحت جزء من كيانه وسلوكه مع نفسه او مع المجتمع، فهو بعيد عن كل الموارد التي تبعده عن الله وتصده عن طاعته، ومن كان كذلك فانه يكون قد اتخذ من الحياء من الله حاجزا يحول بينه وبين المعاصي والذنوب، ليفوز بعدها بلطف الله وكرمه كما بين في كتابه
[وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ].
 

كثير الحذر قليل الزلل
 

فمن طبيعة المؤمن ان يكون منتبها للامور واعيا لخلفياتها ومجرياتها واسبابها ومقاصدها، فان حسن السريرة وسلامة النية لا تعني ان يكون الانسان حليفا للغفلة وموطنا للخدعة فيسهل خداعه واستغفاله، ولذا فالمؤمن منتبه على الدوام لما يحدث جوله من المستجدات والمتغيرات فلا يتصرف الا بحذر ويقظة، ولذا يكون قليل الزلل والعثرات بعيدا عن ارتكاب الاخطاء والهفوات والمواقف التي يؤاخذ عليها فيما بعد.
وللحديث تتمة

 

 

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com