خصال المؤمن   4

 

في تتمة حديث النبي ص عن خصائل المؤمن قال:


لا يؤذي من يؤذيه


اي ان المؤمن لا تتسم افعاله بردود الفعل المكافئة لأعمال الاخرين فهو بعيد عن روح الانتقام والاضرار بالمقابل وتسبيب الاذى لمن يؤذيه لأنه قد جعل رضا الله نصب عينه والله يقول: [وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ].


ولا يخوض فيما لا يعنيه


اي لا يسأل الاخرين عما لا يريدون الحديث عنه، ولا يقحم نفسه في شؤونهم وامورهم الخاصة، ولا يتدخل فيما لا يعنيه من الاشياء والقضايا، فلكل من الناس ظروفه واحواله الخاصة به والتي لا يريد كشفها او الحديث عنها لما تحمله من حساسية او خصوصية، فالفضول هو اسوء الصفات التي تكون عند الشخص وتكشف عن عدم سلامة نفس من يكون كذلك سيما اذا تطور الامر وتحول الى التحليلات والتفسيرات والتي تتبعها الشائعات الخالية من تقوى الله والتي تقود الى الافتراءات والتهم والكذب والذنوب والتي قد يكون مصدرها ظنون وتصورات نهى الله عن الركون اليها والتعويل عليها قال تعالى في كتابه الكريم :
[وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ].
[وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ] [ [وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ]!


ولا يشمت بمصيبة


فالمؤمن لا يفرح بما يصيب الاخرين من الاذى والبلاء حتى لو كانوا على غير مذهبه او فكره او طريقته او على خلاف معه ممن لا ترغب بهم نفسه او ممن قد اذاه وظلمه واعتدى على حقوقه بل يسارع الى ابراز تألمه او حزنه صادقا عند تعرضهم لمصاب في احبتهم او في انفسهم ليكون اسوة في حسن الخلق للأخرين وفي مواساتهم والتخفيف عنهم طلبا لمرضات الله ورجاء لرحمته.
[مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ].
[أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ].


ولا يذكر أحدا بغيبة


اي ان المؤمن قد عود نفسه على عدم استغابة الاخرين او ذكرهم بما يسؤهم حتى وان كان لما يذكره حقيقة موضوعية، اما ان كان ما يذكره كذب فانه سيدخل في الافتراء والبهتان وهو اثم اعظم واكبر، ولذا يتجنب المؤمن الخوض في الاحاديث عن الاخرين وخاصة عند ذكر اسمائهم او ما يدل على تشخيصهم ومعرفتهم عند المقابل لئلا يقع في الحرام او يفسح مجالا لكيد الشيطان [وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا].


بريئا من المحرمات


فمن خصائل المؤمن ان يجتنب جميع المحرمات ولا يساهم فيها بأي شكل كان قولا او عملا او تأييدا او رضا، فمن اجتنب المحرمات زاد رصيده من الحسنات، اذ تتضاعف الحسنات من خلال الفرائض والاعمال الصالحة من دون ان يكون مقابلها خسارة من السيئات، وبالتالي يزداد رصيده عند الله فيضاعف الله له من فضله واحسانه وعطائه وتوفيقه لانه وضع نفسه في موضع اللطف الالهي [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ].


واقفا عند الشبهات


فالمؤمن يمتنع عن الخوض في الاحاديث والاعمال المبهمة او غير الواضحة من الناحية الشرعية حتى يتضح له الموقف الشرعي منها، فالسكوت او الامتناع افضل واتقى من التورط فيما يؤاخذ عليه في الاخرة، حيث لا تنفعه المجاملات او الترضيات للأخرين، او كما ورد في الحديث الشريف ان الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشتبهات فاجتنبوها، وهو مصداق لقول الله جل جلاله:
[وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ].
[إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا].

وللحديث تتمة

 

محرم الحرام 1432 هجرية - 2010 
huda-n.com